الشيخ الشريف الإمام المهندس الدكتور
السيد ولي الله ألتيجاني حمود ه
BOURGUIBA : LE JUGEMENT POLITIQUE- HISTORIQUE
DOCTEUR
INGENIEUR
HAMOUDA TIJANI
ـ مبدع ألأعداد القيمية مثل:
3
2 5
ـ وصاحـــب النظرية في الاقتصاد الكلي المتوجـة
بالمعادلة الماكرو-اقتصادية البعد "جوهن ميونارد كينز":
إس = إد ± ص(ز)
i = e +- a
Dr।H।T.
أنجز حر ما وعد
قد ضننت طويلا بهذا الجزء
من الكتاب الذي كلمني من أجله
الله عزوجل في المرة الثانية
وهذه الثورة التونسية تنشر راياتها لتمكننا من تتمة عملنا في رسالتنا "الكنز
والحمد لله رب العالمين
أولا وآخرا
Dr.H.T।
وأليك نص رسالتنا المخطوط في أصله من الثمانينات من القرن العشرين
وحسبنا الله ونعم الوكيل
نعم المولى ونعم النصير
METOUIA /LE 28/07/2011
الجزء الثاني من الكتاب
أدب الرجال
الفصل الأول
إنها طفولة بريئة
ظلال وارفة وعين جارية ومتعة حاصلة...
نخيل وزيتون وأعناب ورمان وخضرة وأشجار متعانقة ذات أغصان متشابكة وجنة باهرة وحشيش أخضر ونباتات ناعمة والحال صيف والطقس معتدل لطيف وكل الجنة في ظل بين الظل الدائم والظل الذي تتخلله أشعة الشمس وكنا ثلاثة أطفال أخت لي وابنة عمة لي وأنا ثالثهم فتقول لي هذه البنت أو تلك :
- خذ، وكل هذه ألأعناب إنها لك...
كن يقدمن لي تلكم الغلال في صحان نظيفة .. فكنت آكل وأنا أمثل دور العريس..
وكنا نحلم ... وكانت الأحاديث بين السر والجهر.. وكانت المتعة كاملة...
وتقدم هذه أزهارا كهدية.. وتقدم الأخرى أوراق العنب اللطيف كرمز محبة.. ووداد...
كانت السعادة تغمر المكان والزمان.. إنها ضحى صيف جميل...
إنها فرحة وبراءة ... تحت ظلال النخيل المثقل بالثمر الأخضر.. والزيتون الذي يؤكل بعظمة لطراوته... والدالية كانت تتدلى منها عناديق العنب الواحد منها يشبع الرجل الكامل..
ونحن في عرس خيالي... كنا في فرح بهيج .. وكانت عندنا بعض الأواني نضع فيها حبات العنب وهي تلمع ببريق ينعش القلب ويذهب عنه الحزن.. ويهتز لها قلب الطفل الولهان .. كنا نعيش المعاني .. وأما الرمان فما زال يثقل الأغصان.. كنا لا نفقه الأحاسيس المادية.. كنا نتكلم بكلام خفي جلي محبوبا للنفس قريبا من القلب.. كنا نمشي ونجيء .. كنا نجلس ونقف.. نقطف ثمرة.. ونتسلق كرمة.. ونقدم لبعضنا البعض الأواني ملآى بالثمار المتنوعة .. كنا أبرياء .. أبرياء جدا.. كنا طاهرين طاهرين جدا.. والعين بجوار الطابية ماؤها يهدر.. والسواقي تفيض ماء.. وحوض العين يغري بالسباحة .. وقد تسمع رقرقة الماء من أعلى الصخرة في ما بين السواني..
كنا نلعب ونمرح.. كنا سعداء .. سعداء جدا.. جو من الهدوء الخيالي : أطيار تزقزق وحشرات الصيف تزرزر... وكنا من حين لحين نرفع الصوت لما يصمت "الببزيز" عنا التصويت .. قائلين له : "يا ببزيز القايلة غني لي شوي باش انجيبلك العيش الني"..
وهل الملائكة عاشت مثلنا هذا العيش؟
وهل الجن تغنت بمثل أغانينا؟
وهل كان أحد من بني آدم ملأ العين من سحر الطبيعة مثلنا .. أو أكل مما أكلنا.... ؟
فأي الخير أذكر وأي الجمال أصور : وهي معاني مسطورة في النفس ... ومنقوشة في القلب.. وتغذى بها العقل الحليم..
نكتة
وتقدم أحسن الثمار في الطبق للعريس... وهذا العريس يستحي أن يقابل العروس... وأخذ وعطاء ولطف في الحركة والسكون..
وينتقل الأفراد في البستان فيملؤون البستان بالحركة والسكون..
وهل أتاك خبر شجرة التين ؟ إنها شجرة يا صاحبي تملأ ناحية كبيرة من البستان.. وارفة الظلال ..وكثيرة الثمار.. الواحدة منها تشبع الجوعان.. وكانت تعتنقها أغصان العنب وتحفها أشجار النخيل في هندسة من فنان ذواق يحل من الفن الرموز المشكلة فتعبر عن مكنون مخبأ في الإنسان المشتاق للمزيد من الخيرات...
الفصل الثاني
الجد الغني
هي سانية العين اسم على مسمى تراها العين فيبتهج لرؤيتها القلب...ورثها جدي عن أبيه..
ومن هو يا ترى هذا الجد السعيد الذي أورث ابنه ألتيجاني هذه السانية الغانية ؟؟
إنه السيد أحمد بن احموده صاحب الذكر الحسن في كل القرية .. صاحب العزيمة القوية والهمة العالية .. بلغنا أن بعض المؤدبة تزوره في جنة رب العالمين وذلك لرؤية مبشرة أسرها لي مؤدبنا ذو الكرامة معنا والذي بسطنا عنه الحديث في كتابنا "حجة الله البالغة أو رأيت الله أو كلمني الله"...
جاب ذلك الجد الغرب ( ناحية من تونس والجزائر ويجوز أنه بلغ المغرب ألأقصى بلغة هذا الزمان) مشيا على الأقدام .. هاجر البلاد والعباد.. ليعيش حقبة من الزمان يجالس الفقهاء والعلماء في كل مرحلة من مراحل رحلته..وبالعشير تعرف المعاشر... ثم عاد ولهجته قد تغيرت إذ أنه أصبح يتكلم بلهجة المغاربة .. وتبدل ظاهرا وباطنا..
ترك نصرا وهو وليد فوجده شابا يلتحف "الوزرة".. وسألوه : من يكون هذا الشاب؟ وحار في الجواب .. ولكن أنجده الرفيق سريعا : إنه ابنك نصر الذي تركته وأمه وحيدين لترحل إلى حيث لا يعلمان.. وتمسك بالصمت...
عاد للقرية وهو كالأسد .. ليحمي العرين ... فيعمر الحي ذكرا وذكورة.. ووجد أن مؤدب المسجد قد شرخ .. وقرر إن المؤدب قد كبر ويجب أن يعوض بمن هو أقدر منه على هذا الحمل الجلل.. وكان الشاب خليفة يحفظ الستين حزبا من القرآن العظيم .. تراه يجوب النهج وقد يكون يجري حافيا كما حكاه لنا عن نفسه .. وقال له السيد أحمد احموده إنك أنت أولى بالإمامة وتأديب الصبيان والقيام بالمؤدبية في المسجد واستجاب له الرجل الشاب.. وكان حدثا قيما.. فتهطل الأمطار وهي نادرة عندنا كما يحدثني بعضهم : كنا نبقى الأسبوع وأكثر ونحن نمطر بماء السماء.. فسعى الرجل في الأرض ليشتري من جيراننا من "أهل الحامة" بسهل شانشو أرضا واسعة .. ثم يكلف أحفاده ليقطعوا تلك الأرض بالقواديم ثم ليحرثوها .. وكانت تؤتي خيرها بإذن ربها .. وتبعه من تبعه من القوم.. فأصبح شانشو الأول ملكا لأهل القرية .. فيمشي فيه الراكب الأميال العديدة والسنبلة تحاذي السنبلة .. ويحدثني عمي الأوسط هذا زرع فلان وهذا زرع دار فلان وذلك زرع دار فلان .. وكان السنبل في عمري ذلك يغمرني .. إنها النعمة الوافية من رب كريم ببركة رجل همام ومؤدب يعرف قدر الرحمان وكلام الله الحنان الكريم المنان.
الفصل الثالث
الجد الولي
ولما أحكي لك عن سانية العين، فإني لا أنسى أن أكتب لك إن سانية العين هذه تقع بجانب "عين الشويقي"، وهي عين جارية بماء عذب لري الحدائق المجاورة، وقد ورث جدي ألتيجاني هذه السانية عن أبيه أحمد حموده صاحب الذكر السابق وهو الرجل ذو العزيمة عاشر الصالحين وخبرهم فتكشف عن كرامة جد لي من الأمهات السيد عبد الكريم بن بوسعدة فيصف هذه الحادثة العظمى في تاريخ القرية : "كنا في حضرة السيد عبد الكريم، بزاويته المعروفة، وكانت الرجال قد أعدت للحاضرين عشاء من الكسكس، ولكن لما تقدمت الرجال للأكل لجوا قائلين "يا عبد الكريم : إن الكسكس شاعث.." فأخذ الرجل الصالح بكل أناة قلة ماء من حواليه وقمع الماء في قصعة الكسكس وانقلب الماء سمنا" ...
فما تظن أن يعتري الحضور ؟ إني أظنهم بين مسبح ومكبر وشاكر المولى على بقية البركة في آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
ولماذا أنسب هذا الجد للرسول عليه السلام ؟ لأني أنا منه : وقد تكشفت يقظة لا مناما عن نسبتي لرسول الله عليه السلام عن طريق ابنته الوحيدة...
كان ذلك الرجل الصالح تاجرا بنواحي الجريد التونسي وكان الكثير من أهل القرية من يرحل الى تلك البقاع.. وحدث أن أتت حملة دعويية من السعودية تجول في البلاد المغربية .. وعند حضور الرجل ذكر رجال الحملة : انجذب جذبة قوية .. ولاحظ عليه المقدم على الحملة .. فقلده سبحة في عنقه لعلم أتاه الله أن الرجل قد يعود له عقله ويتفطن للسبحة فيذكر بها المولى.. ولكن الشاب المطوي ولي الله عبد الكريم بوسعده : قد خرج عن نطاق الإنسان الاعتيادي فمضى إلى متجره يصرف بضاعته تصريفا.. ثم ساح على وجهه في البراري .. ووصلت به السياحة الى الربع الخالي.. وأين نحن من الربع الخالي؟ أين البلاد التونسية من الجزيرة العربية .. وعاد له رشده.. وعاد الى وطنه.. في بضع سنين.. وأم الخلق في المسجد الكبير على حد بعض الأقوال.. وتزوج ولكن ما لبث أن دخل الخلوة على عادة متصوفة ذلك الزمان : دخل الخلوة وترك زوجته يزة بنت الطاهر حبلى .. وولدت يزة : فأخبروه وهو في خلوته إن يزة قد خلصت فيجيب رحمه الله "صفية جيت والدار خلت" لكونه علم من علم علمه الله أنه سوف لا يخرج من خلوته ومات رحمه الله في خلوته .. كل ذلك في بضع سنين أي ما زال في ريعان الشباب .. فرحمه الله ..
إمام ؟ نعم إن عبد الكريم بن بوسعدة إمام ؟ إمام جمعة؟ هذا هو الأرجح .. على الأقل لمرات... وزد على ذلك فقد أمني في المنام صحبة شيخي الرحيمي رحمه الله .. كان الجد الولي يؤم الكل وكنت أأتم بشيخي .. فرحم الله إمرئا قد فخر بكرامة الله له قائلا:
أنا الذي كلمني الله ربي بأحسن كلام
وأنا الذي رأيت الله في سالف الزمان
ونطقت لي الجدران من ابتكـــــــــام
وأسلمت على يدي طائفة من الجــــان
وحدثتني ثلاثة موتى ناطقة بالتمـــام
وزدت في العلم متجاوزا كل انســــان
ولقبت دكتورا من غير أن ترى أعمالي
ولي زاد من الفقه والحديث والقـــرآن
Dr.H.T.
الفصل الرابع
تجربة اقتصادية صعبة – سياسية "التعاضد"
المشكلة الأولى
وسانية العين هذه هي بستان غناء من نخيل وعنب ورمان كنا نمرح فيها ونلعب ونرتزق منها الخير الكثير حتى أتى عليها عهد الوزير أحمد بن صالح المكنيني في آواخر الستينات... وكانت تجربة التعاضد بالبلاد التونسية... وشملنا ما شمل مناطق عدة من الجمهورية..
أسقطت الأشجار العاتية وقلعت النخيل تقليعا وأصاب الواحة أمر فضيع...
زارنا الوزير في القرية ليبشر بالتجربة الجديدة .. وتخلف عن الحضور أغلب رجال القرية .. وما حضر خطابه إلا أمة أغلبها من إطارات الإدارة في ناحية قابس.. وحتى الأطفال كان حضورهم منقوصا... وخطب الوزير في ساحة الإستقلال بالقرية وزغردت له إمرأة بقيت أحدوثة بين أهالي القرية ....
سألت شيخ القرية في بحث علمي لي عن القرية وأنا تلميذ بالثانوية عن عدد النخيل التي أسقطت في تقرير تجربة التعاضد فأجابني الشيخ خميس دحمان رحمه الله "أسقطنا ألف وثلاثمائة وثمانين عود شجرة" كي تصبح المساحة صالحة للتجربة ...
هذا العدد هو الذي أسقطته الجرارات الإدارية وأما الزياتين التي أحرقتها الأهالي فحما بأيديها فإن رقمها مروع جدا وأشجار العود كلها الصالحة لتحويلها فحما تسلطت الأهالي عليها وما تركوا في أملاكهم إلا النخلة التى لا يستطيعون قلعها .. باختصار : رمان وكرم وزيتون كانت تعمر الواحة انقلبت في فترة وجيزة الى فحم للوقود كرد فعل مسبق من الأهالي جوابا على تجربة التعاضد... ومع ذلك تدور في الواحة وكأنك لا تلاحظ فقدان الشيء الكثير ولا تتألم إلا لما ترى الجرار يهجم على أعتى النخلات فيصرعها كما يصرع العدو عدوه في ميدان القتال...
وشهد هذا المشهد الأليم عم أبي السيد خليفة بن حموده فأصيب في الحال ومات عليه رحمة الله إثر ذلك بإحدى مستشفيات العاصمة..
وشهدت هذا المشهد جدتي مريم بنت البدوي ولما رأت الجرار يصرع "عش الفليان" الذي يغني العائلة كل عام بالتمر : فارتعدت فراؤصها .. واعتلت علة ما أظن أنها تركتها تعمر إلا بضعة أشهر...
وكانت تقارير المواطنين على التجربة تكاد تكون متوافقة فقد بيعت النعاج بأبخس الأثمان.. وزهدت الناس في أملاكها.. وما زاد الطين بلة فقد وافقت التجربة سنين ندرة في الأمطار وكانت الأزمة..
فحوكم الوزير على فشل تجربته .. ويعتذر الوزير الأول في ذلك الزمان السيد الباهي الأدغم قائلا "كنت أجذب الحبل لقلع الزيتونة وقلبي ينكر هذا"... أو قل "وقلبي يتألم لذلك"...
وسألني ابن عم لأبي النشيط السياسي في الحزب أي مسؤول كبير في الديوان السياسي السيد عمار حمود ه وأنا ضيف عنده وكنت تلميذا شابا أزور العاصمة بمناسبة العطلة الصيفية : وماذا تقول يا تيجاني في تجربة التعاضد بالبلدة؟ وكان من مناصريها ... فأجبت : إنه والله أجيبك : إن نظرت لها بمنظار "للتي" الجدة فإن القرية قد فقدت ثروة معتبرة.. وهذا مؤلم للكل.. وإن أجبتك حسب رأي فإن بعض الرجال وجدت شغلا كأجراء فدارت النقود في القرية وحصلت بالقرية حركة جديدة غير مسبوقة بمثلها... وسكت الكل ...لأن التجربة في بدايتها ولسنا ندري أي الصفين يغلب : أهو جانب الملكية الخاصة وحب الذات والسعي على الرزق الخاص هو الذي ينجح .. أو تجربة الملكية العامة والعمل فيها بمقابل هو الذي سوف ينجح؟
وكنت ترى الطوابير من العملة على رأس كل نصف شهر لتتلقى بعض الدينيرات والكيلويات من العينات مقابل جهدهم المبذول في التعاضدية... وهذا يشكو والآخر يتذمر "الفلوس ما فماش" ... "السميد غير كاف..."
وكنت تسمع : هذا ليس مخلصا في عمله والآخر يسرق بعض منتوج التعاضدية...
وكنت تشاهد بعض الآرامل ترتزق من "حش الفصة" وكنت ترى بعض الشباب يترتزق من التعاضد.. ولكن الأمر ليس مقنعا تماما ... لأن التعاضدية : ليست على ما يرام : "اسبارج" الذي زرع لم يسوق.. والبروكلو الذي زرع كميته أكبر من حاجة المستهلكين فكانت المرأة منا تقتني بقيمة خمسة مليمات رأس البروكلو الواحد.. إنها مهزلة .. ولا يذهبن الى ذهنك أن الخمس مليمات في ذلك الوقت هي قيمة معتبرة بل هي لا تساوي الا ثمن خبزة في ذلك التاريخ...
وفشلت التجربة تماما.. وحوكم الوزير على فشله .. وفر من البلاد الى خارج الوطن .. وكانت محاكمته علنية وكنت تسمع التلقيمات الكلامية بينه وبين بعض الأشخاص أثناء المحاكمة مزعجة جدا إلى حد أنه يرد على بعض الأشخاص بهذه العبارة "أنت أصمت خير فحتى صندوق جفال لا يطهرك"...
فر أحمد بن صالح الى الخارج بعد محاكمته بحكمة سياسية معهودة عندنا ... وخلفه وزير في اعتباري أصلح منه : فنزلت الأمطار وعادت الأملاك لأهلها ... وبصعوبة تسترد الواحة بعض مجدها... وكان هذا الوزير الجديد السيد الهادي نويرة عارفا بالشؤون الاقتصادية عارفا بالمسألة النقدية.. إلى حد أنه لما كان محافظا للبنك المركزي يخالف الرئيس في بعض طلبه ويصفعه الرئيس ولكن يعود اليه في تلك الازمة ليترأس الحكومة ونجح في إدارته..فرحمه الله...
***
والحق أنا رجل اقتصاد ولست رجل أدب ... فإذا رأيت بعض الشدة في كتاباتي فانسبها لشدة الواقع الذي عاشته تلكم التجارب السياسية في الستينات من القرن العشرين تحت مسؤولية الرئيس بورقيبة..وعلى أية حال فإننا بإذن الله تعالى لا نخرج عن نطاق الأدب.
***
نكتة تكون في آخر هذا الفصل
ألفت الطبقة المثقفة في ذلك العهد هذه "النكتة" تصور تلك المرحلة من تاريخ تونس العزيزة.
يقولون وكل قائل مسؤول عن مقالته : كان الركب الرئاسي البورقيبي مرة يعب الطريق عبا في بعض النواحي .... وإذا به يعترض طريقه حمار طويل العنق وطويل القوائم وطويل الإذنين وكان يمتد وسط الطريق العمومي .. فوقف الركب وحاولت الجماعة أن تزيحه عن الطريق ولكنها لم تفلح... فنزل الزعيم من السيارة الفخمة ليقول له بآناة وتؤودة :
- يا حمار، وأنت سيد الحمير، أن الأمر بسيط تخطو خطوة ثم أخرى وهكذا مرحلة بعد مرحلة تكون قد خرجت من الطريق وتركتنا نمر بسلام...
- ولكن الحمار حرك رأسه مرقصا أذنيه رافضا سياسة المرحلية..بكل عنف.
- فعاد الرئيس الى السيارة لينزل اليه الوزير الأول السيد الباهي الأدغم وكله أمل بأن الورقة تكون لصالحه :
- فقال للحمار: اسمع بالقلب الطيب والسماحة والبهاوة، أترك لنا الطريق ودعنا نمر بسلام ...
- ولكن الحمار رفض سياسة الطيبة والسماحة ليحرك رأسه مرقصا أذنيه معلنا عن تمرده، ورده أنه ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة...
- فعاد سيادة الوزير الأول الى السيارة وهو متحير من أمر هذا الحمار.. فنزل اليه وزير اقتصاد ذلك الزمان السيد أحمد بن صالح المكنيني ..
- وهذه المرة : همس الرجل في أذن الحمار كلاما مفاده "اسمع، اترك لنا الطريق فنمر بسلام، وإلا إني سآمر بحشرك في التعاضدية..."
- قالوا: فقفز الحمار لتوه ينهق ويشهق ويشير بذيله فارا هاربا منزعجا من سياسة التعاضد...ليترك لهم الطريق ويدع الجماعة يبهتون لحنكة وزير الاقتصاد الذي ملأ البلاد والصحافة بالكلام...
هذه نكتة من قريحة أساتذة ذلك الزمان ومعلميه.. بعد أن انصرفت سياسة التعاضد تقريبا.... وعادت الأملاك لأهلها .. وقد هطلت الأمطار .. وأخرجت التجار الجواهر التي كنزوها ليتاجروا بها في السوق...يتفكهون بها ضاحكين على الكل في الكل.
***
ولتعلم...
ولتعلم إنه لا يصلح "البرمة" الا الملح...
ولكن ما البرمة وما الملح؟؟
إن البرمة هي البلاد وما حوت وملحها هو الدين...
فقد تحتار وتعجز في معالجة هذا الاعوجاج الحاصل في أهل البلاد.. وذلك أن البلاد ينقصها "الملح"..
أي ضعف إيمان القوم ... وتخلخلت دياناتهم .. أثقل عليها المستعمر كثيرا... وأثقل عليها المتفلسفة كثيرا.. فتاهوا في ما بين الفلسفات.. وفقد الفتيان الإيمان وتعرت الفتيات من الستير من الملبوس.. وصاحت عقلاء الناس : هذا افلاس من الدين.. فكانت مشكلات : الأطباء الروحانيين أدويتهم مستوردة وليست من نتاج هذه البلاد.. واتسع الخرق على الراتق كما يقول الوالد رحمه الله ...وخسرنا عدة قطع من على رقعة اللعبة.. ونحن في حيرة.. ولست أدري كيف أصرح أو ماذا أكتب... فوالله : القاعدة السياسية هي هي ما دام صراع بين أطراف: الذي يقود هو ألأقوى وليس هو ألأعقل..
وذلك أن قطيع الماعز: لا يصلح حاله الراعي فحسب بل ينبغي أن يكون عند الراعي عصا ومعه كلبا وأكثر وليس هذا فقط : فيجب أن يكون للقطيع تيسا يتقدم الماعز.. وإلا انتشرت الفوضى ومضى كل جمع من القطيع في ناحية من نواحي البرية.... والذئاب منتشرة في نواحي البرية وهي ما تكاد تختلي بعنزة حتى تبتلعها بشعرها... أكل هذا لأن الذئاب جوعانة؟ كلا.....إن للذئاب أرزاقها........ ولكن قانون الغاب يحتم على الذئاب الشره الفوق اللازم.
ولتفهم عني أنه لا يحس الجمرة الا الذي "يعفس" عليها.. وقد اتسع الخرق على الراتق كما قال الوالد رحمه الله.. فهل من طبيب مداو وهل من دواء يشف أسقام البلاد والعباد؟
الفصل الخامس
عائلتنا في الستينات
إنما الخيرة في ما يختاره الله...كما تقول عقلاء الناس.
كانت عائلتنا عائلة كبيرة...تترأسها الجدة ومن ورائها ابنها الأكبر... مات الجد فكتبت ألأعمام كتابا عدليا على أخيهم الأكبر أن يحضنهم هم وأمهم في مقام أبيهم.. كان عمره لا يتجاوز الثلاثين وهو أبو ولد مات سريعا وأبو بنت.. وترك له والده بغلا وعربة مجرورة وأدوات فلاحة وأراض شاسعة... وتحمل مسؤولية عائلة واسعة :زوجة وصبية، مع أمه وأبنائها الأربعة بنت وأربعة أولاد من جملة الأربعة أخ أعمى وآخر صغير وبين الإثنين أخ أوسط... فكان يجول الإيالة التونسية متتبعا الرزق : يحمل التمور الى صفاقس والساحل ليعود بالزيت والقمح والشعير وبعض متطلبات الحياة... وأمضى ردهة من الدهر على هذا النمط من العيش.. ولما كبر الأخ المتوسط : تغير المثال فكان يتاجر بالغلال في العاصمة ويفلح الأرض في القرية ونواحيها بالتداول هو وأخوه الأوسط ... فلما يحرث هذا الأرض يعود الثاني من العاصمة ليحصدها.. فيمضى الثاني الى العاصمة .. وهكذا بقيا دهرا.. وقد يجتمعان في بعض الأعياد في القرية .. ولكن أكثر اجتماعهما فيكون في التجارة في الغلال في العاصمة.
وعاشت العائلة هكذا هنيئة مدة طويلة.. يتعلم الكفيف ليصبح عالما ... ويسافر الصغير الى فرنسا ليهنأ بحياته فيها.. ويتزوجون كلهم.. وتبقى الجدة صحبة كنتيها.. وولديها الأكبر والأوسط يتراوحان على القرية.. نعم كانت عيشة هنيئة.. فلاحة قائمة .. وأيدي ملآى بالدراهم.. وزوجات تلد..
ولكن أتى الإستقلال السياسي للبلاد .. وقامت معه سياسة العائلة الجديدة .. ومشكلة المرأة التونسية...
تغيرت الدولة... فتغير حال العائلة الممتدة... لتطالب الكنات بالدويرات.. ولكن ليس بصراحة.. بل بصعوبة وصراع مرير..
كان عهد الماقرونة الجاربة ... وخصام السلفات... والصياح المتواصل في المنزل الواسع... إن فكرة العائلة "رأس ورويس" .. كسرت فكرة العائلة الواسعة.. ومسألة تمتع المرأة برفع الحجاب .. وامكانية النقاش في الحلقات.. زاد الطين بلة.. فلا يمضي علينا يوم إلا والسلفتين تقيمان حربا كلامية.. والرجل المقيم على العائلة يحتار في فض المشاكل القائمة فيها..
إنه تغير دول .. وتبدل أحوال.. غلبت فيه الأنانية الأثرة.. وانتصر فيه حب الذات عن حب الآخر.. وكثرت والحق يعلن المشاكل العائلية لهذه العائلة التي كانت مخازنها لا تخلو من أكياس القمح والشعير.. ودكاكين مخازنها لا تنقطع عنها أكداس البصل .. وحبالها لا تفرغ من "أشكاك" الفلفل.. إنه التغير الذي ضرب العائلة ككل العائلات المعاصرة لها: أصبحوا يشترون السميد من الحانوت والماقرونة قد تأتيهم معبأة في الشكائر من العاصمة.. وانقطعت "أزيار" زيت الزيتون لتعوض ببدون الزيت السانقو من الحانوت .. إنه الفقر يا صاحبي .. صدقني كنا بخير .. وكان ممكنا أن يتواصل ذلك الخير.. ولكن السياسة البورقيبية فرضت نمطا جديدا من الحياة.. نساء تتعرى .. وأطفال تفسق.. ورجال تعصى المولى جهارا.. إنها مأساة العائلة التونسية في الستينات .. والتي ضربت بآلة التشتيت والتخريب المجتمع كله... وافتقرت الأمة ... ونزعت منهم البركة .. وأصيبوا بالجفاف... فوالله كان في ما سبق يركب الراكب من القرية ليخرج البراري فلا يرى الا السنابل تتمايل ثم وصل بنا الحال فنخرج للبراري فلا نجد الحطب الممتاز لطهي الطعام ... فسبحان الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش ولا ملجأ ولا منجأ من الله إليه وسبحان الله عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات كلها أسألك السلامة برحمة يا أرحم الراحمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وهو حسبي ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا طيبا مباركا فيه.
الفصل السادس
في الخمسينات من القرن العشرين
إصابتي في ساقي اليسرى بعرج خفيف
لماذا أنا انسان غير عادي؟
كنت أجري جريا على رؤوس قدمي كما حكت لي جدتي عن نفسي.. وفي يوم من أيام الربيع والشمس في النصف الثاني من النهار أقرب شيء للقيلولة.. وكنت أركب "قزدرية" أحسبها بغلا.. وكنت أجهد نفسي وأنا تقريبا ابن ثلاث سنين أو حواليها .. وعدت الى جدتي وأمي قائلا لهن : اربطوا بغلي هذا ، إنه هرب مني وتعبت في القبض عليه، فربطوا "القزدرية" في الشباك من خيطها.. ومهدوا لي فراشا تحت ظل الجدار فنمت فيه نوما عميقا.. ثم استيقظت بعد مدة لأحاول الوقوف على قدمي بعد أن ألبسوني كسوة لونها بني .. وكانت البيت ملآى بالفرح : إنه قد استطاع الوقوف.. كانت تحكي لي أختي الكبرى :آه يا تيجاني : إن حالك تغير تماما : اعوج فمك وارتخت عضلاتك وانقلبت عيناك وقد تبدلت صحتك تماما .. ثم نشطت وحسن حالي.. فسافروا بي الى العاصمة أين عرضوني على أطباء مختلفين : فكان أفلحهم يصف لي المقويات المختلفة الموجودة في صيدلية ذلك العهد قائلا دواؤها الصبر..
وكان هنالك في العاصمة بهرج كبير فإنك لا ترى الا النساء الأجنبيات العاريات الأكتاف وكنا نستهزئ بهن كيف يخرجن مكشوفات ثم نهدأ لعقيدتنا أنهن كافرات.. وكانت العربات المجرورة بالخيل تغلب على الطريق فمنها ذات الأربع خيول ومنها التي يجرها حتى ستة خيول.. وكانت الشوارع ملآى بالبشر تقارب الخيال.. فهي لا تختلف كثيرا عن حالها اليوم سوى أن الفكر تبدل إذ أننا كنا نتصور أن نساء ذلك الزمان هن نصاريات أو يهوديات فإذا بنا أصبحنا نرى بنات المسلمين في تلكم الطرقات على هيئة الأجنبيات. إنه التغير الغريب من اليمين الى اليسار من الخمسينات الى الستينات..
صاحبت عمي ألأوسط مرة الى المدينة سوق العاصمة للأقمشة فتركني في دكان صاحب له ليقضي بعض شأنه. فأخذ الرجل يسألني عن كيفية الحياة عندنها وعن نمط معيشة العائلة وعشرة عمي مع أبي وهو حريف عندهم في "النصبة" وفي تلك الأثناء مرت فتاة من أمام الدكان تكاد تكون عارية : فصحت إنها يهودية يا عم؟؟ فتبدل الرجل وقال وهل أنت متأكد؟ قلت نعم؟؟ فقال أنت تعقلها إذن .. فقلت نعم إنها يوهودية تسكن قرب وكالتنا؟؟؟ فاستدرك الرجل القول ليعلنها ضاربة : إني والحق يا بني لم أعد أمين بينهن ؟؟ فكم من تونسية تأتيني لتشتري من عندي فلا أكاد أفرق بينها وبين اليهودية؟؟
ثم أتى العم ليستصحبني .. وفي الطريق سألني : أتعلم أنت كنت صحبة من؟ فقلت : تاجر قماش.. فقال نعم إنه تاجر قماش ولكن غير عادي .. إنه يهودي.. وصمت جد الصمت لما سمعت نسبة يهودي ؟؟ وتذكرت سؤاله : وهل أنت "تعقلها"؟ وواصلت الطريق وأنا شبه مهموم أو قل وأنا متفكر في الحال ؟؟ وما كنت الا طفلا عاقلا.
وكان الجميع يعتني بي..
وكان الوالد رحمه الله يحملني من طبيب لآخر هو وأحد أصحابه وكان الصاحب يقول لي : أرأيت يا تيجاني تلك السيارات ؟ فأقول : نعم.. فيقول أريت تلك الدراجات ؟ فأقول نعم .. فيتمم القصة ليقول لي "إنها كلها لك يا تيجاني" كان رحمه الله يسليني كي ينسيني أنهم يحملونني لمن سيبكيني ويؤلمني بشراسة آلاته وماكيناته...
وفي الأخير .. اقتنع الجميع بالواقع : أولا: هي حالة طبيعية وليست خطيرة .. وثانيا: لا علاج لها.. إنه العرج الذي لا علاج له الا الصبر...
وكانت الجدة تصطحبني من حين لآخر الى الحامة للمعالجة بمائها الطبيعي.. وتنتقل بي من زاوية الى أخرى تدعو المولى أن يشفيني من علتي ولكن رحمة الله قريب من المحسنين.. فلا دواء لمثل هذا الداء الا دواء الصبر..
غير أن تلك المعالجات الطبيعية خاصة أتت بنتيجة غريبة عندي أولا على مستوى عقلي وثانيا على مستوى ساقي اليمنى إنها تضخمت بحيث تكاد تكون قدر مرة ونصف من سيقان أندادي.. فكانت في الجملة النتيجة إجابية جدا.. حصلت لي تجربة لقاء جم غفير من عقلاء الأطبة في ذلك الزمان وكنت أسمع تحاورهم مع الوالد .. وأتناول وصفاتهم المصبرة .. وكنت أتحمل آلام الحقنات المتنوعة .. وكانت مدرسة بمعلميها بالنسبة الي مجانية : كنت أرى الأجهزة المتنوعة وأزور العقول الكبيرة .. فكان لعقلي نعم الطعمة.
ومن الجانب الآخر : فقد حملتني الجدة رحمها الله الى زاوية سيدي نصر الشايبي وزاوية الللة الشاعلية ومكان يسمى عندهم شبه ناعورة الماء هذا في الحامة .. وحملتني الى زاوية جدي الشريف ولي الله سيدي عبد الكريم وأخذت قليلا من التراب من جانب قبره من تحت الثابوت فطلت به ساقي وحملتني الى زاوية سيدي أحمد التيجاني وسقتني من ماء الزاوية هذا في قريتنا المطوية.. وزاروا بي سيدي ابي لبابة الأنصاري صاحب رسول الله عليه السلام دفين مدينة قابس.. وقربوا قربانا لله طبعا.. وكانت عقيدتهم كلهم سليمة فهم يؤمنون بالله حسن الإيمان ولكن العطشان يفرح بسراب الصحاري ليحسبه ماء .. والحق كما يقول الوالد رحمه الله النافع والضار هو الله ولا قدرة مع قدرة الله والولي لا ينفع ولا يضر .. ولكن الوسيلة بهم عندنا جائزة .. كأن نقول بجاه سيدي فلان يا رب ارحمنا.. وأكثر من هذا فهو باطل..
الفصل السابع
براءة
ألعاب الأطفال
لعبت كثيرا .. وجريت في الشارع كثيرا.. في الليل والنهار.
كان شارعنا ملآن بالأطفال مثلي.. فنخرج أنا وأخواتي في الليلة المقمرة لنلعب ألعابا مختلفة ... قفزت من أعال الجدران على أكداس الرمل مثلي مثل أندادي .. تسلقطت النخيل بأنواعها خيرا من كثير من أندادي وأفضل.. لعبت في أشجار الزيتون كأفضل ما يكون اللعب..نزلت البئر ونضحته الشيء الصعب على كثير من أندادي وغيرهم من الأطفال والشبان.. باختصار لم يصعب علي شيء في حياتي .. فلحت في الأرض كسائر أندادي وربما أفضل.. شققت البراري لآتي بالحطب الوقود لأهلي بأفضل كيفية .. قطعت الأودية وصعدت القمم.. سرحت بالجديان أكثر من مرة .. احتطبت اليابس من الجريد في نخيله بأحسن حال.. أوكلت نساء دارنا من الثمرات ما فيه شاهد على حسن حالي .. وباختصار لم تمثل لي ساقي أي عائق .. بل كنت ممتازا في كل شيء.. أذبح الشاة .. وأركب العاتي من البغال .. بل في فصول الرياضة من سنين التربية كنت أفوق كثيرا من زملائي .. حتى أن طبيبا يهوديا رقمني في الأوائل قبل أن يلاحظ له مدرب التربية البدنية حالتي الخاصة.. كي يتراجع فيغير الرقم الذي أسنده الي.. كانت بنيتي سليمة ونشاطي بين وصدري عريض : بحيث لما أواجه به بعض الأنداد في العراك يجهش في البكاء من قبل أن نتلاحم..
ولا أتذكر نفسي أني بكيت وأنا طفل أبدا.. ولا أتذكر أنه صرعني أحد من أندادي أبدا.. وكنت كثير العراك ولكن لست بظلوم ولا ظالم..
هذا يكفي كي أعود بك الى عالم الأرواح : "كنت مرة في علم الله وأنا ـ أظن ذلك ـ طفلا ألعب في المنام لعبة "اسقف القارة" مع أخت لي تكبرني قليلا وابنة عم لي تصغرني قليلا.. ولكنهن تحايلتا علي في اللعبة : فرفعت يدي اليمنى مشيرا بسبابتي الى السماء .. فقابلني في العلا رب العزة عز وجل بكماله وبهائه سبحانه وتعالى كالبدر ليلة تمه".
فهذه أولى كراماتي ... .
الفصل الثامن
المشكلة الثانية
في الثمانينات من القرن العشرين ورقة نقدية بدينار تصبح ورقة نقدية بقيمة خمسة دنانير (هذا ما كنت أتصوره والله أعلم بحقيقة الأمر من قبل ومن بعد)
لا أدري من أي باب أدخل كما أني لا أدري بأي شيء أبدأ حديثي: كانت الغرفة بدون نوافذ ولها باب واحد وإذا أغلقت الباب فإنك تصبح في ظلام دامس... دخلت الغرفة وأغلقت الباب على نفسي... والظلام حالك كما أن الظلم وقتئذ حالك: .....وفي تلكم الظروف.... كنت قد تركت أمي تذهب إلى المغازة لاقتناء بعض الحاجات هي وأم السعد وبقية الأخوات الصغيرات॥ وأنا ما هو ذنبي حتى أخشى عن نفسي القبض ن البوليس السياسي ألأني صاحب لحية وبأصبعي خوصة فضة أهدتها لي أمي لما ضاعت مني خوصة عرسي؟ ثم ثار في دم الحمية فثرت لضعفي وقلت كيف أبقى هنا أبكي وأمي تقضي ووقفت وفتحت الباب ولحقت بهن سريعا وكنت أسرع الخطى الى حد الجري ووجدتها واقفة على جناح اللحم في مغازة ابن خلدون بتونس العاصمة وقلت لها هات الدينار॥ وكان واضحا أن الجو مكهرب وكان أحدهم يرصد الحركات وكان الجو رهيبا॥ وارهام عظيم وكلي ثبات وايمان مع ضعف بدني كانت رابطة جأشي أقوى مما يتصور مع ما عندي من "نيفية"॥ وهنا وصل لي الطريق॥ وسوف أعود لك فأحكي لك عما وقع... كنت ألبس القميص وأضع على رأسي القلنسوة وكنت أمشي ولا أخفي عليك أني متوقع منهم الغدر وأعلم تمام العلم أنه عام 1981 هو عام ذكرى الاحتلال الفرنسي للإيالة التونسية .. ولا بد أن أصف لك الحال في ذلك الحي أي حي ابن خلدون فرع الفرنسيس كما يسمونه من أحواز العاصمة تونس...
أنهض عند صلاة الصبح أي الفجر للصلاة ولما أصل الباب أعود وأقف في ساحة المنزل عائدا الأدراج قائلا لنفسي إنهم يترصدون الخطى لكل من الشباب المسلم والتهمة هي أنه يصلي ويصوم ويحب الإسلام هذه التهمة وهذا هو الذنب... طبعا البوليس بالمرصاد لهذا النوع من الشباب التونسي... أليس في تلك الصائفة قد حاكموا جماعة الإتجاه الإسلامي... وفي تلك الصائفة الوالد يوصي والأم توصي وكلهم يرتعشون من القبض علي لأني أحمل الأمارة التي يبحث عنها اليهودي العالمي ألا وهي اللحية والخوصة...؟؟؟... فإذا أبطأت ثم عدت فإنهم يحمدون الله على السلامة.. وإذا أفصحت أن الخير ي الإسلام قالوا إن جيراننا بوليس فلا ينبغي أن تقول أن الحقيقة في الإسلام.. والخير في الإسلام والعدل في الإسلام...
وأعود بك لأدخل بك الى الجامع في حي ابن خلدون بالعاصمة : إنه جو رهيب ... الإمام يطيل الصلاة... والجامع أهله كلما نظرت إلى يمين أو إلى يسار إلا ورأيت من يشتبه فيهم من المتتبعين... ولا تستغرب فإن حتى مواضيع الجرائد (الصحف اليومية) كانت حبلى بالمرض وبالشعوذة أو قل نوعا من السحر المهذب... وتشابكت الأغصان في الشجرة الخيالية وبائع الجرائد رجل كبير السن تبقى عنده الصحيفة ذات الشجرة عدة آيام... ولماذا أقرأ.. وأنا لا أحب أن أقرأ... ويكفي أن أرى الصور حتى أفهم عدة عقد... وتشابكت أغصان الشجرة ... ثم الآن إلى المقهى : يا سيدي وما أدراك ما المقهى؟ أناس مرضى ..
أستيقظ في المنام .. وأصلي في الفجر... أنهض باكرا لأصلي ولكن شبح الإرهاب قائم فأعود.. حينئذ هو مريض فهيا بنا نزور الطبيب ... المشكلة سياسية يرحمكم الله وليست مشكلة نفسانية؟؟ لا رحمكم الله هي مشكلة سياسية بحتة علم النفس يضرب فيها ويصرع... وقال الطبيب من الذي يكذب ؟ أنت أو أبوك؟؟ ... وقد استقبلنا واحدا بعد واحد ولست أعلم ماذا قالا لبعضهما.. المهم أخذنا نوعا من الدواء وهددوني بمنوبة لأن الممرض مطوي قائلين إذا لم تشرب الدواء فإلى هنالك معي هذا ماذا يعني؟؟ إن لم يكن السجن فالمستشفى.. لأن الأمر ليس بالبسيط ورحم الله من فهمني...
وعدت إلى البلدة ولم أستعمل الدواء واستعملت دوائي الإعتيادي ولم يقع أي شيء... وقبل أن نصل إلى هذه النقطة : علي أن أوضح لك أن التكسيات توصل الى مكان ولا توصل الى آخر وواضح جدا أني أكاد أكتب أن سائق التكسي نفسه بوليس أو يكاد.. وأخذنا التاكسي أنا والوالد وألأخ وسيارة وراء سيارة .. وسار "الشوفير"عن طريق العمران لأن الأمر فيه تهديد لأني لست وحدي ..(والحق يعلمه الله) .. (هذا ما أفهم).. ووصلنا الى "الكوليزي" بعد أن علمت جيد العلم أن اليهود وراءنا في كل العاصمة وأن العاصمة معبأة بهم (هذا ما يخيل الي) .. ولحسن الحظ كان مساء سبت والطبيب لا يعمل وأنا أذكر الله جهرة وسرا قائلا لا إله الا الله.. ونزلنا الى جامع سبحان الله ثم وجدت التاكسي ولكن صاحبها لا يوصل... الحي ملآن باليهود وأرشدنا اليهودي قائلا أمام عدد48 وأنا أفهم على حد فهومي وأسكت .. وأتت تاكسي فأوقفتها هذه المرة أنا وكان صاحبها واضحا أنه يهودي (هكذا يخيل الي) (لأن والأمر يعلمه الله حالتي النفسية ليست على ما يرام ..فذلك بوليس والآخر يهودي ... إلى آخره كما فصلته علماء الأدب في مثل هذه الأحوال.. وصاحبك ليس مريضا لا عقليا ولا نفسيا وإنما هي أحوال يعلمها الله : لا أقرر أنها حقيقية كما لا أجزم أني كنت مخطئا)..والله أعلم يتبين ذلك من قبعته وعدم رده للسلام ...وأوصلنا الى الحي.. وهل تتصور أن "تاكسيا" لا يأخذ الدراهم.. وليس مع هذا طبعا وقد حصل أو كاد أن يحصل مع غيره...وأعود بك الى ما هو قبل هذا... حاكموا الجماعة ظلما وقهرا.. وكنت نسيت أن أقول لك .. كأني رميت بالأشعة في ظهري والله أعلم وأنا في التاكسي.. لا تستغرب ولا تسلم مصدقا لأني أنا بنفسي لست أعلم يقينا أنهم رمونا بالأشعة.. ولا أشعر بذلك والله أعلم.. وفي ذلك اليوم نفسه ما ترى الا الغربيين وأشباههم حتى وان كانوا من أباء وأمهات مسلمين ولكن الغريب أنه أمام "الكاتدرال" الكنيسة بنوا صنما لا تستطيع أن تقول هو صنم العذراء رحمها الله أو لعلم غيرها.. وكلاهما كفر.. ولا أنكر لك إني كنت مرهقا ولكني واع تمام الوعي ولا تستغرب.. ولا تستغرب إذا أعلنتها صراحة أن عام 1981 (صيفا) كانت تونس العاصمة مغزوة .. وأهل الاختصاص وأصحاب العلم يعلمون الحقيقة .. والله أعلم... وفي ذلك الصيف وقعت مظلمة التشدد على الإخوان بتونس..
والآن أعود بك إلى المغازة العامة بحي ابن خلدون وأنا واقف أمام "المحاسبة" كتبت الآلة خمسة دنانير وبجانبي امراءة وقالت لها أنت .. وأنا عندي طبعا في يدي دينارا واحدا ونظرت الى وفتحت يدي فإذا بها خمسة دنانير ولم أتكلم مرجعا الأمر لله .. وأخذت قرطاس اللحم وعدت بالباقي الى أمي فأخذت الباقي وهي تستغرب لأنهم يعيشون أزمة سوف أعود لشرحها ...
نكتة زيادة:
كنت قد بسطت الأمر فيما بعد بقابس لطبيبي النفساني الخاص : ورقة دينار تصبح ورقة بخمسة دنانير .. ولم يجد لها تفسيرا...
وكذبت نفسي ...
وتتابعت علي الأحداث ... حتى عشت من الخوارق للعادات .. ما يدعني أصدق ما هو أكثر من ذلك... (والسياسة تعمل .. أليس كذلك؟؟ فيلد الديك وتصبح أنثى الأرنب ذكرا .. طبعا هي في علم الله وحقائق طبيعية .. ولكنها موافقات.. إذ إنها تتزامن مع أوضاع سياسية يسطرها المولى في سماه قبل أن تجري أحداثها في الأرض... طبعا صاحبك : يقرأ ويفهم ويتعلم .. فيطلع على دقائق الطب والأقتصاد والسياسة .. وتتجلى له الحقائق الكونية ويعالج نفسه ويتجاوز طبيبه الخاص فيتخلص من المتابعات الطبية بل هو في إمكانه معالجة أي علة تحدث للحيوان الإنساني أو الحيوان الطبيعي .. والحمد لله.. فما بالك في رجل كلمه الله.. وقالت الوالدة رحمها في "خرافة" نحفظها عليها "عديت يا رأس وما زلت اتعدي" .. وفي قصتنا هذه لم نتجاوز الثلاثين من العمر ولم يكلمني المولى بعد ... فالله الله أسأل رضاه)
الفصل التاسع
المشكلة الثالثة
إني أفتخر بالصلاح وأدعيه ولكني لا أدعي عظمة أو أنه لا ذنوب لي.. بل أعترف بأني بشر ضعيف وصاحب ذنوب وإن كانت ذنوب صغر فهي كثيرا ما آلمتني..مثبتا أني منذ سن السادسة عشرة من عمري بين صوم وصلاة... وهنا لا أملك إلا أن أحمد الله الذي أكرمني حتى علمت أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون... وكم من مرة يسألني زميلي الشيوعي في كلية الحقوق : ومن أنت؟ فأجيب : أنا عبد الله الضعيف المذنب الخاطئ ألتيجاني ابن عبد السلام..ونضحك نحن والزملاء ملء قلوبنا... فبالله التوفيق كي أقص عليك المشكلة الثالثة:(هذا حديث سطرت كلماته في 14 سبتمبر 1983):
آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا والقرآن قائدا وإماما ونبراسا أتبعه وأصدق بما جاء فيه وبالرسول الأمين محمد النبي الأمي أهتدي وهو قدوتي الذي قال الله عز وجل في شأنه "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" صدق الله العظيم ويقول عليه السلام إنما الأعمال بالنيات وإن لكل امرئ ما نوى، وفي الحديث الشريف اتق الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن॥ وفي علمنا الصالح الموروث أنه من نوى نية حسنة فله أجر وإن طبقها فيتضاعف ذلك الأجر إلى سبعمائة أجر وما عند الله خير وأبقى॥ والحنان المنان في يوم الحساب يختص بعض عباده بالقربى فيكتنفه بستره الجميل ويحادثه قائلا مناديا له باسمه "يا فلان بن فلان فعلت كذا وكذا... فيجيب العبد الصالح إي ربي॥ أ وما غفرت لي يا رب؟؟ فيقول الرحمان الرحيم وهو يبتسم في وجهه "قد غفرت لك"॥ (هذا ما معنى ما سمعناه عن أحد الدعاة।بالعاصمة)....والعزيز الجبار في كل يوم جمعة في جنة رب العالمين ينزل لعباده المؤمنين وهم على درجاتهم المختلفة فيقول لهم تمنوا علي فيجيبون رضاك نرجو فيقول برضاي دخلتم الجنة فتمنوا... فيتمنى كل امرئ ما يخوله جهده وسعة عقله॥ فيعودون إلى الحور العين في قصورهم أكثر نورا وبهجة.. والعلم الثابت عندنا أن لهم فيها ما يشتهون غير أن الله غسل قلوبهم بكريم فضله فلا يشتهون إلا ما هو معقول.. لهم في الجنة السوق والفسحة والزيارة واللقاء وامكانية الإجتماع للجمعة وهذا اللقاء مع المولى عز وجل هو لأهل ذلك اللقاء.. والله أعلم.. وفضله لا يقتصر على البعض دون البعض وهو أعلم .. فيرون ربهم كل صباح وكل مساء فيعرفون بذلك الصباح والمساء بنور يخرج من تحت العرش والجنة لا ليل فيها ولا نهار بل ظل دائم وسعادة كاملة فلا نوم فيها وغياب عقل أبدا هذا حتما مما أورثناه من علم عن شيوخنا والله أعلم بدقائق العلم وتفاصيله..
ولله المنة والحمد وأحب أن أصرح في هذا الفصل لبني جنسي وأهلي وذريتي حتى يطمأنوا كما أني مطمئن بما أولاني به من النعم : وإن لم أكن أنا الأول في تاريخ الإسلام ممن كلمه الرحمن الرحيم وما أقول إلا ما قاله سيدنا عمر بن الخطاب عليه الرضوان : لو كانت يمناي في الجنة ويسراي خارجها ما أمنت مكر ربي فأسأل الله الأمن والآمان وأعوذ بالله من زوال الإيمان بسر لا إله الا الله وباسمه الرحمن الرحيم واسمه الجبار بإحدى وعشرين مرة من التكرار.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
كان سيدي أبي يزيد البسطامي عليه رضوان الله وغيره من الصالحين يتكلمون الحكمة فيأخذها أحباب الله فتنفتح بها أبواب العلم وكان غيره يقول "قال لي ربي كذا وكذا" فلا تستغربن ذلك... وأنا كنت ممددا في المنام على سرير وبيني وبين السماء سحاب فإذا حشرة سوداء بيضاء تحلق بجانبي الأيسر فقلت في منامي ذلك "باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم أو وهو العزيز الحكيم : فإذا بمولاي وحبيبي عز وجل يقول لي من فوق السماء "أنت تقول يا رب وأنا أقول يا عبدي".. فلله المنة أن اتخذني عبدا وخاطبني بلفظة "عبدي" لأن ذلك هو شرف المؤمن لأنه عز وجل وهو المنتقم الشديد العقاب ولكنه لطيف خبير ومن تمام لطفه قال لي الكريم "يا عبدي" وفي الحديث القدسي : " يا ابن آدم لا تخف من ذي سلطان ما دام سلطاني باقيا وسلطاني لا ينفد أبدا... يا ابن آدم لا تخشى من ضيق الرزق وخزائني ملآنة... وخزائني لا تنفد أبدا.. يا ابن آدم لا تطلب غيري وأنا لك.. فإني طلبتني وجدتني.. وإن فتني فتك وفاتك الخير كله.. يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك.. وخلقتك من أجلي فلا تشتغل بما هو لك.. عمن أنت له... يا ابن آدم إن رضيت بما قسمت لك أرحت قلبك وبدنك.. وكنت عندي محمودا.. وإن لم ترضى بما قسمته لك فبعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية ثم لا يكون لك منها الا ما قسمته لك وكنت عندي مذموما.. يا ابن آدم خلقت السموات والأرض ولم أعي بخلقهن... أييعيني رغيف عيش أسوقه إليك.. يا ابن آدم : لم أطالبك بعمل غد.. فلا تسألني عن رزق غد.. فأنا لم أنس من عصاني.. فكيف بمن أطاعني.. يا ابن آدم إنا لك محب.. فبحقي عليك كن لي محبا.." صدق الله العلي العظيم وبلغ رسوله المصطفى الكريم النبي القرشي العربي الهاشمي والسلام والرحمة على أحباب الله في مشارق الأرض ومغاربها...
وفي المرة الثانية كان كلاما يخص هذا العمل في أصله الأول فوعدني منه وعدا حسنا في فحواه نجاحي الأبدي وما معناه أن أكتب وأؤلف والناتج أن يتبع اسمي الشريف اسمه الكريم فقال لي الكريم المنان بلغة أهل هذه الديار "اتحب اسمك تابع اسمي" وانقلبت إلى تحت فرأيت هذا العمل كاملا وما كان في الحال تاما وفي جزئه الثاني اسم بورقيبة يتكرر مرتين.. وكان وقتئذ الظرف السياسي خطيرا نوعا ما.. فالرجل طاغ والكلام عليه محسوب على أهله.. ككل رؤساء العالم في مدة رئاستهم.. وحكت لنا الخرافة لما سأل البطل عن "الجوهر الأخضر في عنادقه" فأجابه التاجر أتعني "كراويا؟ " فيقول البطل : بل يا سيدي إني أسأل عن "الجوهر الأخضر في عنادقه" فأين أجده؟ فيجيبه التاجر: أتريد "كمونا أسودا" أو كمونا أخضرا"؟؟ فيحتار البطل لما يكون الوضع مع كل التجار نفسه .. كل تاجر يخفي الجواب متجاهلا الرجل ومجيبا بسؤال أبهم.. حتى وقف على شيخ طاعن السن وفهم حيرته فقال له عليك بقفة من خبز ولحم وتقصد آخر البلاد ستجد فيها هنشيرا تحرسه الكلاب فكلما هابشك كلب ارم له خبزا ولحما حتى تصل قصرا فاطلب هنالك "الجوهر الأخضر في عنادقه" ففعل الرجل حتى وصل القصر واكتشف أن "الجوهر الأخضر في عنادقه" إنما هو أمير البلاد.. وكان من حاله أن يوضح الأمر للأمير إذ أن ابنته تطلبه .. فقال له قل لها "إنك لا تري الجوهر الأخضر في عنادقه لا يقظة ولا مناما" وعاد الحاج مغتاضا على ابنته آمرا بأن يشرب كأسا من دمها.. وتطول الخرافة .. وتتزوج البنت بالأمير.. وتطول الخرافة أيضا.. ولكن المقصود أن الكلام عن أمير البلاد دائما صعب المنال من أول الدنيا... وأنت ترى كيف أن عملا بسيطا كهذا جاذبنا فيه الحديث عن بطل تحرير تونس من الإستعمار الفرنسي للبلاد استوجب : مكالمة رب الأرباب وتنبيهي لما أنا بصدده من الخطر... فما أنا الا رجل صدوق لا حول لي ولا قوة.. فلا حزب يحميني ولا مال يفديني ولا جند لي يمنعني من سطوة السلطان.. وضعفي يغلب قوتي.. ولكن القلم لا يخشى الا الله.. وعلى أية حال فالرجل قد مات وكنت أنوي الحكم عليه مقررا فيه قولا يبقى له طابعا.. ولكن الله خير ولا فائدة في الوصم والحكم فالرجل ذهب وما حمل معه شيء وما ترك لأهله من إرث يرثونه عنه فكل وصم وطابع له لا يجدي فاليوم حياة وغدا حساب فحسابه على الله وكفى بالله حسيبا..
ومع ذلك أقرر إنما ينطبق في هذا الرجل ما قاله الله عز وجل في سورة البقرة في ما يخص بعض خلقه السابقين من عهد رسول الله عليه السلام "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم * بسم الله الرحمن الرحيم * "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد" صدق الله العظيم..
وأقرر والله يعلم أني لست بميت حتى أستفرغ ما في جعبتي من كلمات.. أقتل بها كل مفتر كذاب... وذلك لحكمة آتانيها الله ذكرت لك بعضها في كتابي الحجة.. فلا تستهتر بأمر الله.. ودعني أمضي حيث شاء الله...
وأقرر أخيرا ما قرره المولى في كتابه الكريم : "يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم "
وتمضى مجادلة ربنا فيقول "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور"
ويضرب المولى ألأمثال فيقول "سل بني اسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب"
ويقررها العزيز الجبار وضاحة "زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشأ بغير حساب"
صدق الله العظيم.
وقام الإمام الأشعري أبو الحسن رحمه الله خطيبا ليقرر في الأمة قرارا وسطا ويتركه وراءه مذهبا متبعا "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى"
وسألت عن الصالحين بما نالوا الدرجات ووصلوا لرب الأرباب فوجدتهم كلهم أهل أذكار وأوراد وأصحاب دعوات مأخوذة عن الرسول ألأكرم بعلم وتوفيق من الله.. وكفانا في تراثنا المغربي الطريقة التيجانية على صاحبها سيدي أحمد التيجاني الرضوان فخرا لمن أراد أن يتقرب من الخالق الكريم فهي مأخوذة من أثار عن النبي الأمي عليه السلام... واجتهد لنفسك فكرر القرآن ما استطعت من سبيل وحاول أن تحفظه ما أوتيت من قوة واجتنب معصية الله في السر والعلن واعمل في ظل الله في الدنيا تكون باذن الله في ظله في الآخرة وقال شاعرنا ابو القاسم الشابي رحمه الله بما هو فحواه "والنور ظل الإله" فامش في النور واتبع خطوات الرسول وأحب بيوت الله وأحسن لها وصل مع الجماعات فإنك تحظى بالقرب والمزيد والمدد من رب الأرباب واعمل بكلام الله واستنر بنوره واستظل بحديث رسول الله وحاذر مخالفته تكون في من "لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" باذن الله .. وأنت أيتها المسلمة أكرمك الله بالثبات على دين الله والحياء من الله وأوليائه والسترة الكاملة والتستر من خصائص الحرائر لا الإماء وأيها الصالحون لكم مني أبهى النصيحة وأنجح نصيحة ألا وهي الخوف من الله في كل زمان ومكان مع اتباع سنة الرسول الكريم وسنة الصالحين من بعده "فبهداهم اقتده" وحذاري من اتباع الهوى والغواية وأهل الضلالة من خلق الله.. فاللهم اصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا أخرانا التي اليها معادنا وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
- وفي هذا الكفاية –
- والحمد لله رب العالمين –
انتهى الحديث عن بورقيبة وسياسته الداخلية
DOCTEUR INGENIEUR HAMOUDA TIJANI
Dr.H.T
حاشية للكتاب بعد قراءة نصه المخطوط من الثمانينات للقرن العشرين
1
ملاحظات رمضان
2011
سبحان الله عالم الخفايا فإنه على حد علمي لم يكن عندي من علم بكون الاخوان لهم توجهات سياسية أو تكوين حزب سياسي بل كل ما هنالك تعاون على البر والتقوى .... ولكن الثورة التونسية بينت عدة حقائق وأظهرت وجوها لم تكن في حسباني : وما كان عندي فكرة الانفصال عن حزب أهلي .... ولم أكن مرة أفكر أن أكون معارضا سياسيا للسلطان القائم بل كل ما هنالك محاولة اصلاحه ..... وتاريخي السياسي يشهد على هذا من رسالة مفتوحة تخص الأصنام المنصوبة في البلاد لبورقيبة عن طريق الصحافة الوطنية حوالي 1984 الى رسائل مباشرة لمن يهمهم الأمر في الدولاب الحكومي عن طريق L'ATSM (معادلة رياضية - سياسية) نقدم فيها النصيحة كيف يمكن أن يقوم العدل في البلاد ....(وهذه....المعادلة قد حكمت البلاد والحمد لله وما زالت تحكمه .... غير أن القوم يأخذون ولا يعطون ولا يعترفون ولا يقرون ...والله العليم بدقائق الأمور .....كيف سارت وكيف تسير.....المهم قدنا النصيحة ورأيت فكري مجسم على الميدان السياسي ....ربما على غير مقاصدنا ولكن المعادلة رياضية سياسية رأيتها تتحرك....خاصة عند ورثة العهد البورقيبي........وفي جميع الأحوال نكتب:الحمد لله رب العالمين).....ثم ألى الدولاب الحكومي الوارث للحكم البورقيبي نبين فيه كون العدل أفضل في المسألة السياسية بالبلاد وكوننا قد سلطني المولى على بورقيبة كي أقول كلمتي فيه ثم مؤكدا كوني أعمم هذا الفضل من الله على من تبعه ممن تسلط على البلاد حتى يكونوا على بينة من أمرهم وقد أعذر من أنذر وكان ذلك عن طريق المؤسسة التربوية كلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية حوالي 1996 مبينا كونا أن الله قد كلمني وكونا أن المؤسسة الزيتونية التي هي ألأولى بالعناية بمثل هذه المسائل قد محيت من الخارطة السياسية وبالتالي كانت كلية الحقوق هي الأولى بالإعلام وكون الأمر جلل والحكم التاريخي سياسي على أي رئيس ليس هينا عند الله وقد عممت المراسلة الى مؤسسات عالمية حسبتها توازي كلية الحقوق التونسية في الثقل)...(ويبقى هذا الشأن عندي نافذ المفعول ما دمت حيا ويخص أيا كان ممن يتسلط على البلاد والعباد) ...( ولعلك تفهم خطورة حكمنا وثقله التاريخي والسياسي فلا تستهينن بنا فإن الله غالب على كل امر ونهي )......(واللهم فاشهد : فلا عذر لأحد من أمراء الأمة في مخالفة أحكام القران ...إن الدين عند الله الاسلام ....والله يورث ملكه من يشاء وهو مالك الملك العزيز الوهاب ).... ( هذا والله يقبل مني جهدي البسيط ويثبت الأجر ويحقق الثواب في الدارين ولولا ضرورة المقال ما كنت لأستعرض هذا ولكن الله غالب على أمرنا )... (وهل يرضى أحد من الأمة أن يحكم الأمة كافر : بل الحكم على أي أحد بالكفر هذا يعني شرعا هدر دمه أصبح حلالا بل واجبا شرعا ...وولتعلم أنك لا تصل الأمير الا على جثث الجنود : وهكذا تلك هي الحرب ...) (فلينتبه الى هذا كل من أراد أن يتسلط على الأمة قبل انصرام الأحكام : وأشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدا رسول الله : فحذاري ثم حذاري ثم حذاري من مغبة هذا الشأن وحذاري ثم حذاري من سطوة العزيز الجبار الذي سلط على النمرود بعوضة فقتله بها.... وحمى رسول الله بخيوط العنكبوت ووكر الحمام فأنجاه الله من أعدائه : فأعيدها عليك حذاري من الجهر بالكفر أو متابعة سبيل الكافرين وانت تريد الترأس على البلاد وهي مسلمة في سابق علم الله : حذاري : إنه الاعدام المادي والتاريخي : डॉ.।H।T .....(بل هي الحرب إذا لم يرتدع الأمير حالا كما حدث مع صاحبنا والله أعلم ) .....والذين كانوا يخفون ما لا يبدون حسابهم على المولى... فالله الله يشهد علي وعلى الكل من النظام القائم في ذلك العهد الى النظام الذي اطاح به ثم أخيرا الى حد هذه الثورة الربانية التونسية فاللهم ارحم من كان وراء ستائر منصة قطع اللعبة الربانية في الثورة التونسية العربية ... باختصار أنا برئ مما سوى الله وكل انسان مسؤول عن تصرفاته ومحاسب على عمله .... فاقرأ عني النص وتمتع بشئ من واقع تاريخي عشته في حقيقة سيرتي الذاتية ولك مني ايها القارئ الكريم التحية على حرمتك لجناب الله عز وجل وحرمة جناب اوليائه الأبرياء ) (وواصل قرائة نصنا المخطوط في أصله منذ الثمانينات من القرن العشرين ) (الصلاة والصيام والعبادة كلها لله والظاهر يدل ولكن غالبا ما يغالط الحقيقة والله أعلم ) ( كنا متفقون على البر والتعوان وإنارة القرية بما يوتينا المولى من علم لا إثارة البلبلة والشغب ) (فلربما لهذه الأسباب كانت قد كلمتني الموتى ونطقت لي الجدران ... وهل من حجة أنصع من البراءة ... وهل من حجة أفضل من الاستقامة في السر والعلانية ... وهل هذه الحقيقة الموجعة عند بعضهم : مبدأ الاضطهاد للوصول للغايات هي معها تسامح....فلو كانوا حقا أهلا لبينوا النظرية للمريدين وصرحوا بالحقيقة المحركة لهم لكل مريد قبل أن يكون ضحية للإضطهاد ... ونحن لسنا بحاجة لنظرية سياسية مستوردة مهما كان مرجعها : لأننا مسلمون أب عن جد والحمد لله ... ومع ذلك أدعو الله أن يصلح أحوال كل الأطراف والسلام : Dr..H.T। ॥.......خلاصة الحديث في هذا الموضوع : قول المولى الكريم "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب" وفوق هذا المقال إنما فضفضة حديث وما تراه في مجتمعنا اليوم إنما هو صنع الله الذي أتقن كل شيء صنعا وانتهى الحديث)(واللهم اكتبني في عبادك الصديق ومن عبادك التائبين وأولياك الصالحين والسلام ) ومن أراد الخير فليذكر الله ذكرا كثيرا...
DOCTEUR INGENIEUR HAMOUDA TIJANI
Dr.H.T।
SIR HAMOUDA TIJANI
Sr.H.T
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire